كيد اليهود
إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمد عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
أيها المؤمنون:
لقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق, للثقلين الإنس والجن, فبلَّغ ونصح, وجاهد, وواجهته صعوبات في سبيل نشر هذا الدين, ومنها ما لاقاه من أعداء الرسل؛ اليهود _عليهم لعائن الله المتتابعة_, فقد كادوا له ولأصحابه بشتى الوسائل, ولكن! كما قال الله فيهم:{ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{64}}المائدة.
وهم يعلمون أنه نبي الله حقاً ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ), ولكن الله أتم نوره ولو كره الكافرون, لقد كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووضعوا له السم, وقالوا: السام عليك يا محمد, ( أي الموت عليك يا محمد), وشككوا من حولهم برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم, ولكن الله دمرهم على يد رسوله صلى الله عليه وسلم وصحبه.
أيها المسلمون:
إن هذه الشرذمة من البشر _أعني اليهود_ عُرِفوا من القدم بعدائهم, وخبث نواياهم, ولقد حذرنا رّبنا وأخبرنا في كتابه عن بعض صفاتهم لنحذرهم, ولنَعُد العِدَّة لهم, فأخبرنا سبحانه أنهم الأمة الملعونة في القرآن.
قال تعالى:{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78}} المائدة.
وأخبر أنهم لن يرضوا عنا إلا بشيء واحد, وهو اتباعُ ملتهم, أعاذنا الله من ذلك.
أيها المسلمون:
لقد كذبوا على الله حيث قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء, وقالوا: يد الله مغلولة غلت أيديهم, ولعنوا بما قالوا: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء.
وكذبوا رسل الله وقتلوهم, قال تعالى: { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ {87}} البقرة.
وعُرفوا بنقض العهود والمواثيق, قال تعالى:{ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ {56}}الأنفال.
وحرَّفُوا كتب الله المنزلة على رسله, قال تعالى:{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ } البقرة.
ولقد عُرفوا بحبهم للشر, والإفساد في الأرض, قال تعالى: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ {118}} آل عمران.
وقال تعالى:{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } المائدة. ومازالوا منذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم, ونزول القرآن, وهم يخططون للقضاء على الإسلام, والمسلمين, {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {32}}التوبة.
فهم تارة يحاولون القضاء على الإسلام بالغزو المسلح, وتارة ببث الدسائس في صفوف المسلمين, وتارة بالمكر والخديعة, وهكذا؛ كلما عجزوا عن باب جاءوا من باب آخر, هذا وديننا واضح كل الوضوح, ببيان مكائدهم وفهم دسائسهم.
أيها المؤمنون:
إن كيد اليهود للمسلمين في هذا الزمان قد تزايد, وتأثيرهم قد تضاعف, نتيجة غفلة المسلمين عنهم, وتساهلهم في شأنهم, وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:" يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها, قالوا: أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال: لا أنتم يومئذ كثير, ولكنكم غثاء كغثاء السيل" رواه أبو داود وأحمد.
أيها الناس:
إنكم ترون وتسمعون وتقرؤون ما تفعله هذه الشرذمة القليلة بالمسلمين من التقتيل, والإبعاد, والهدم, والحرق؛ فهولاء مبعدون حفاظاً على أمن إسرائيل, وهؤلاء تهدم منازلهم, وهؤلاء يقتلون بالرصاص, وهؤلاء وهؤلاء...
وهذا شريط حدودي, وهذا شريط جيب حدودي, وهذا لأمن إسرائيل, وكلما صنعوا سلاحاً حديثاً افتعلوا مشكلة ليجربوا هذا السلاح في أجساد المسلمين, وما فعلوه في هذه الأيام إلا من هذا القبيل, كم قتلوا, وكم شردوا, وكم دمروا, وكم رمَّلُوا ويتموا أمام العالم بأسره, ولكن! لا عين رأت, ولا أذن سمعت, لأن الفاعل هم اليهود, كل ذلك يحدث أمام مجلس الخوف الكافر, وزعيمه النصراني المتهود الخبيث.
أيها المسلمون:
لا نصر إلا من الله, ولا عز إلا من الله, ومهما ابتغيتم النصر والعز من غيره ذللتم, فعودوا إلى دينكم, وحاسبوا أنفسكم, وربوا أبناءكم على بغض الكفرة, وحذروهم من مكائدهم, وأن المواجهة معهم حتمية لا محالة, طال الزمن أو قصر, وأن المؤتمرات معهم لا تغير شيئاً, وأن اللجوء إلى مجالس الكفار وهيئاتهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.
يا شباب الملاعب الرياضية:
إن اليهود يلعبون برؤوس أمهاتكم, وإخوانكم, وأخواتكم, وأنتم في سبات عميق, يا من أشغلتكم دنياكم عن دينكم, تفكروا كيف سلبت أموال إخوانكم في البوسنة والهرسك, وبيعت نساؤهم وأطفالهم, فأصبحوا لا مأوى, ولا أهل, ولا وطن, وانظروا في أحوال إخوانكم في فلسطين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, إنه تعالى كريم ملك رؤوف رحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أرسل رسوله ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً أما بعد:
أيها الناس: يقول ربكم:{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30}} الشورى.
إن المعاصي والذنوب, والإعراض عن دين الله, يحل بالأمم النقم والمحن والويلات, فتوبوا إلى ربكم_ بارك الله فيكم_, وتضرعوا إليه بأن يرفع بأسه عن الأمة الإسلامية, وافعلوا أسباب النصر؛ من الاعتصام بدينه, والاهتداء بهدي سيد البشر, والدعوة إلى ذلك, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والإقلاع عن جميع الذنوب, ومد يد العون لمنكوبي المسلمين, وعدم الثقة بالكفار وأعوانهم, ولا تعلقوا الآمال بهم, لأنهم ملة واحدة.
وإنما علقوا آمالكم بخالقكم ومصوركم, الذي نصر عبده, وأعز جنده, وهزم الأحزاب وحده, واسألوه النصر والتأييد, لأن الملك ملكه, والأمر أمره, والقضاء قضاؤه, وإذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {51} فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ {52} وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ {53} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {54} إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {55} وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ {56} } المائدة.
عباد الله : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {56}}الأحزاب.
اللهم صلى على محمد, وأزواجه, وذريته كما صليت على إبراهيم, وعلى إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام وأهله, وأذل الشرك وأهله, اللهم انصر دينك وأعلِ كلمتك, وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أصلح ولاة أمر المسلمين واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم وأصلح شبابنا وهيئ لهم دعاة الهدى وجنبهم دعاة السوء والضلال .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم انصر دينك وأعل كلمتك، يا أرحم الراحمين، اللهم من أرادنا وديننا وبلادنا وأمننا بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبيره في تدميره يا سميع الدعاء اللهم وسلط عليه من يسومه سوء العذاب، اللهم وفق رجال أمننا وكن لهم عوناً ونصيراً اللهم ارحم ميتهم، اللهم واشف مريضهم وقوي عزائمهم وثبت أقدامهم وانصرهم على أعدائك وأعدائهم يا قوي يا متين، يا ذا الجلال والإكرام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
|