بمناسبة بدء العام الدراسي
الحمد لله, اللطيف الخبير العليم القدير, يكور الليل على النهار, ويكور النهار على الليل, وهو السميع البصير, أحمده حمداً كثيراً وأشكره شكراً جزيلاً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. بعثه بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً, وهادياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وعلى صاحبه في الغار وصديق الأمة وخليفة المسلمين الأول أبي بكر وعلى عمر وعثمان وعلي, وعلى سائر الصحب, والأزواج وعلى من اهتدى بهديهم على الدوام, أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله: واعلموا أن الله يقلب الليل والنهار, وتبصرة وذكرى لأولي الألباب, فبالأمس كنا نوصي شبابنا والمسلمين بتقوى الله والاستفادة من وقت فراغهم في إجازتهم, وما أسرع الأيام فها نحن اليوم نوصيهم بتقوى الله بمناسبة بدء عامهم الدراسي الجديد 0
عباد الله : إن من علامات الساعة تقارب الزمان وسرعة مروره , كما تلاحظون وتشاهدون أيها الشباب إنكم وكالمعتاد تستقبلون عاماً جديداً, تنهلون فيه من ينابيع المعرفة والعلم, وتقتفون آثار سلفكم الصالح, رحمهم الله , فأوصيكم ونفسي بتقوى الله وتعظيم العلم والعمل به, وحفظه في الصدور, وظهور آثاره على الجوارح.
واحذروا من التشبه بطائفتين ملعونتين, الأولى: طائفة اليهود الذين علموا التوراة والإنجيل, وبعث إليهم الأنبياء, ونزلت عليهم الكتب فما زادهم ذلك إلا بعداً عن الحق وعناداً له, وتكذيباً, وبغضاً حتى لعنهم الله, وجعل من تمام صلاتنا أن نقول :{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ} الفاتحة الآية:7,6 وهم اليهود.
وقال تعالى : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {79} } المائدة
فمن علم من أمة محمد ولم يعمل بعلمه ففيه شبه من هذه الطائفة الملعونة الممقوته, فاحذروا يا شباب الإسلام من التشبه بهم لأن بعضكم لا ينقصه العلم وإنما ينقصه العمل, فهو يعرف الأحكام والحلال والحرام,والخير والشر, والفضائل والرذائل, ولكنه لا ينتفع بما معه من العلم .
أما الطائفة الثانية: فهي طائفة النصارى, الذين عبدوا الله على جهل, فتخبطوا وضلوا, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده: " اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون فاحذروا الجهل فإن الجاهل العابد فيه شبه من النصارى".
أيها الشباب: إن مناهجكم ولله الحمد قد اشتملت على العقائد الصحيحة, والعبادات السليمة, والأخلاق الحميدة, فكل خير يعرض عليكم وتتعلمونه من خلال هذه المناهج فما ينبغي إلا التطبيق والعمل.
أيها الشباب: خذوا العلم عن رغبة ونية, تؤجرون على ذلك, وأقبلوا عليه بقلوبكم تؤجرون وترزقون.
وأنتم أيها الآباء _وفقكم الله_! كونوا عوناً لأبنائكم في تهيئة سبل الخير, فوفروا لهم الكتب النافعة والأشرطة المفيدة والوسائل المعينة, وطهروا بيوتكم من المنكرات, والصوارف عن طلب العلم, واغرسوا الفضائل فيهم؛ كالصدق والأمانة, والحياء, والوفاء, واحذروا من الأماني الكاذبة, وأحلام لا حقيقة لها فهذه رؤوس أموال المفاليس, ذكروهم بالله, وخوفوهم منه, واجعلوا قدوتهم محمداً صلى الله عليه وسلم, وعظموا الإسلام في نفوسهم, إن أردتم خيري الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {21}} الطور.
أقول ما تسمعون, وأستغفر الله لي ولكم, ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
|