تَبِعَاْتُ إِهْمَاْلِ اَلْأُمَّهَاْتِ
الْحَمْدُ للهِ عَالِمِ
الْغُيُوبِ، وَسَاتِرِ الْعُيُوبِ، وَغَافِرِ الذُّنُوبِ،أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ
بِكَرِيمِ وَجْهِهِ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَيَا
عِبَادَ اللهِ:
تَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ،
وَصِيَّتُهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ، وَخَيْرُ زَادٍ يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمَرْءُ
فِي حَيَاتِهِ لِمَعَادِهِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ: (يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ)، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ
عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ.
أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ:
خَرَجَ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ــ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ــ يَحْرُسُ
فِي اللَّيْلِ ، فَسَمِعَ بُكَاءَ صَبِيٍّ فَقَالَ لِأُمِّهِ : اتَّقِي اللَّهَ وَأَحْسِنِي
إِلَى صَبِيِّكِ، ثُمَّ عَادَ فَسَمِعَ بُكَاءَهُ ، فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ،
ثُمَّ عَادَ فَسَمِعَ بُكَاءَهُ . فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ سَمِعَ
بُكَاءَهُ، فَأَتَى أُمَّهُ فَقَالَ: وَيْحَكِ، إِنِّي لَأَرَاكِ أُمَّ سُوءٍ !
مَا لِي أَرَى ابْنَكِ لَا يَقِرُّ مُنْذُ اللَّيْلَةِ؟ . قَالَتْ: يَا عَبْدَ
اللَّهِ ! قَدْ أَبْرَمْتَنِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ، إِنِّي أُرِيغَهُ عَنِ
الْفِطَامِ فَيَأْبَى، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: لِأَنَّ عُمَرَ لَا يَفْرِضُ
إِلَّا لِلْفُطُمِ، قَالَ: وَكَمْ لَهُ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا شَهْرًا، قَالَ:
وَيْحَكَ لَا تُعْجِلِيهُ . فَصَلَّى الْفَجْرَ وَمَا يَسْتَبِينُ النَّاسُ
قِرَاءَتَهُ مِنْ غَلَبَةِ الْبُكَاءِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَا بُؤْسًا
لِعُمَرَ، كَمْ قَتَلَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا
فَنَادَى: أَلَا لَا تُعْجِلُوا صِبْيَانَكُمْ عَنِ الْفِطَامِ، فَإِنَّا نَفْرِضُ
لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ. وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ: إِنَّا
نَفْرِضُ لِكُلِّ مَوْلُودٍ فِي الْإِسْلَامِ .
وَالشَّاهِدُ
مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ ــ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ ــ اسْتِيَاءُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ بُكَاءِ الطِّفْلِ ، وَرَحْمَتُهُ لَهُ وَشَفَقَتُهُ عَلَيْهِ
، وَعِتَابُهُ لِأُمِّهِ بِقَوْلِهِ : إِنِّي لَأَرَاكِ أُمَّ سُوءٍ ! مَا لِي
أَرَى ابْنَكِ لَا يَقِرُّ مُنْذُ اللَّيْلَةِ؟
رَأَى
رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهَا أُمُّ سُوءٍ ، لِبُكَاءِ طِفْلٍ يُفْطَمُ ،
فَمِنَ السُّوءِ أَنْ لَا تَهْتَمَّ الْأُمُّ بِأَطْفَالِهَا ، الْأُمُّ الَّتِي تُهْمِلُ
أَطْفَالَهَا ، وَلَا تَعْتَنِي بِهِمْ ، وَلَا تَهْتَمُّ لَهُمْ ، وَلَا تَرْعَى
مَصَالِحَهُمْ ، أُمُّ سُوءٍ وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ .
رَضِيَ
اللهُ عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ رَأَيْتَ بَعْضَ الْأُمَّهَاتِ فِي
هَذَا الزَّمَانِ ، لَوْ رَأَيْتَ مَنْ تَتْرُكُ صِبْيَانَهَا لِلْخَدَمِ ، مِنْ أَجْلِ
حَدِيقَةٍ أَوْ سُوقٍ أَوِ اسْتِرَاحَةٍ أَوْ مَقْهًى أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . لَوْ رَأَيْتَ
مَنْ تُهْمِلُ صِبْيَانَهَا مِنْ أَجْلِ مُتَابَعَةِ أَجْهِزَةِ الِاتِّصَالِ وَالرَّسَائِلِ
وَالْمَقَاطِعِ أَوِ الْمُسَلْسَلَاتِ وَالْأَفْلَامِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ .
يُوجَدُ
- أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ ، مَنْ يَعْتَقِدْنَ أَنَّ دَوْرَهُنَّ
فَقَطِ الْحَمْلُ وَالْإِنْجَابُ، وَلِذَلِكَ يَتْرُكْنَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ إِهْمَالًا
وَعَدَمَ مُبَالَاةٍ ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ
الصَّحِيحِ : (( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ
وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ
مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ
مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ
مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) ، الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ، هِيَ الْأُمُّ
، يَسْأَلُهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ تَرْبِيَتِهَا لِأَبْنَائِهَا ، وَيُحَاسِبُهَا
عَلَى إِهْمَالِهَا لَهُمْ ، وَعَدَمِ اعْتِنَائِهَا بِهِمْ ، بَلْ حَتَّى فِي الدُّنْيَا،
إِذَا أَهْمَلَتِ الْأُمُّ طِفْلًا مِنْ أَطْفَالِهَا وَهَلَكَ ، كَأَنْ يَغْرِقَ أَوْ يَحْتَرِقَ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ ، وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ شَرْعًا ، وَهِيَ أَنْ تَعْتِقَ
رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَوْ لَمْ تَسْتَطِعْ ، عَلَيْهَا أَنْ
تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، تَصُومَ سِتِّينَ يَوْمًا كَفَّارَةً لِهَلَاكِ
ابْنِهَا بِسَبَبِ إِهْمَالِهَا لَهُ ، وَهَذَا الْأَمْرُ تَجْهَلُهُ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ
.
فَعَلَى
الْأُمِّ - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - مَسْؤُولِيَّهٌ عَظِيمَةٌ ، وَلِذَلِكَ اعْتَنَى
بِهَا الدِّينُ ، وَكَرَّمَهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ، يَكْفِي أَنَّ رِضَا اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتَهُ بِرِضَاهَا وَطَاعَتِهَا ، وَعُقُوقَهَا سَبَبٌ لِلْعَذَابِ
الشَّدِيدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
لِدَوْرِ
الْأُمِّ فِي اهْتِمَامِهَا فِي رِعَايَةِ أَطْفَالِهَا ، ضَاعَفَ اللهُ حَقَّهَا
، وَوَفَّى مَا يَجِبُ لَهَا ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟
قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أُمُّكَ،
قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبُوكَ. يَقُولُ الْقُرْطُبِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ- : فَهَذَا
الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَبَّةَ الْأُمِّ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهَا يَنْبَغِي
أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ مَحَبَّةِ الْأَبِ؛ لِذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُمَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَذِكْرِ الْأَبِ فِي الرَّابِعَةِ
فَقَطْ، وَإِذَا تَوَصَّلَ هَذَا الْمَعْنَى شَهِدَ لَهُ الْعِيَانُ، وَذَلِكَ أَنَّ
صُعُوبَةَ الْحَمْلِ، وَصُعُوبَةَ الْوَضْعِ، وَصُعُوبَةَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةَ
تَنْفَرِدُ بِهَا الْأُمُّ دُونَ الْأَبِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَنَازِلَ يَخْلُو مِنْهَا
الْأَبُ.
أَيُّهَا
الْإِخْوَةُ :
إِنَّ
قِيَامَ الْأُمِّ بِدَوْرِهَا فِي الْأُسْرَةِ ، وَاعْتِنَاءَهَا بِمَنْ يَسْأَلُهَا
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ ، فِيهِ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ لِلْمُجْتَمَعِ ، بَلْ لِلْأُمَّةِ
بِأَسْرِهَا ، وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ نَفَعَ اللهُ بِهِ الْأُمَّةَ بِسَبَبِ اهْتِمَامِ
أُمِّهِ بِهِ ، الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ ، الْعَالِمُ الْفَقِيهُ صَاحِبُ
الْمَذْهَبِ الْمَعْرُوفِ ، يَقُولُ : حَفَّظَتْنِي
أُمِّي الْقُرْآنَ وَعُمْرِي عَشْرُ سَنَوَاتٍ .
أُمُّهُ امْرَأَةٌ كَالَّتِي نُشَاهِدُ فِي الْكَافِيهَاتِ
وَالْحَدَائِقِ وَالْمُولَات ، بَلْ هُنَّ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهَا ، حَيْثُ أَنْعَمَ
اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِنَّ بِنِعَمٍ لَمْ تَتَوَفَّرْ لِمَنْ كَانَ
قَبْلَنَا .
يَذْكُرُ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- مَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ أُمُّهُ مَعَهُ ، كَانَتْ
تُوقِظُهُ وَتُجَهِّزُ لَهُ الْمَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ
سِنِينَ ، ثُمَّ كَانَتْ تَتَخَمَّرُ وَتَتَغَطَّى بِحِجَابِهَا وَتَذْهَبُ مَعَهُ
إِلَى الْمَسْجِدِ ، لِيُصَلِّيَ الْفَجْرَ ، يَقُولُ : فَلَمَّا بَلَغْتُ السَّادِسَةَ
عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِي قَالَتْ لِي أُمِّي : اذْهَبْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ
السَّفَرَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ هِجْرَةٌ إِلَى اللهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ . وَأَعْطَتْنِي
مَتَاعَ السَّفَرِ عَشْرَةَ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ ، وَوَضَعَتْ مَعَهَا صُرَّةَ مِلْحٍ،
وَقَالَتْ : ياَ بُنَيَّ إِنَّ اللهَ إِذَا اسْتَوْدَعَ شَيْئًا لَا يُضِيعُهُ أَبَدًا
، فَأَسْتَوْدِعُكَ اللهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعَهُ .
وَمِثْلُ
أَحْمَدَ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ ، وَمِثْلُهُمَا الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ
، وَمِثْلُهُمْ كَثِيرٌ ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ حِرْصِ أُمَّهَاتِهِمْ وَقِيَامِهِنَّ بِأَدْوَارِهِنَّ
فِي الْحَيَاةِ ، وَلَنْ نَنْسَى وَاللهِ أُمَّهَاتِنَا ، اللَّاتِي لَهُنَّ الْفَضْلُ
فِي تَرْبِيَتِنَا .
فَاللَّهُمَّ ارْحَمْهُنَّ رَحْمَةً وَاسِعَةً ، وَأَحْسِنْ إِلَيْهِنَّ
أَضْعَافَ أَضْعَافَ إِحْسَانِهِنَّ إِلَيْنَا ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُنَّ رَحْمَةً
مِنْ عِنْدِكَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَنَازِلَهُنَّ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى ، يَا
رَبَّ الْعَالَمِينَ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى
تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ
وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ ،
فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يُوجَدُ
مِنَ الْأُمَّهَاتِ وَللهِ الْحَمْدُ مَنْ لَهُنَّ دَوْرٌ فَعَّالٌ فِي الْمُجْتَمَعِ
، وَجَمِيعُ مَا تُشَاهِدُونَ فِي الْمُجْتَمَعِ مِنْ مُتَمَيِّزِينَ وَمُبْدِعِينَ
، يَعُودُ فَضْلُ ذَلِكَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ أُمَّهَاتِهِمُ اللَّاتِي
عَرَفْنَ أَنَّ لَهُنَّ رِسَالَةً مُهِمَّةً فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ ، وَتَرَفَّعْنَ
عَنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ ، وَلَمْ يُعْطِينَ الْمَظَاهِرَ الْفَانِيَةَ أَكْثَرَ
مِمَّا تَسْتَحِقُّ ، قُدُوَاتُهُنَّ الْمُسْلِمَاتُ الْمُؤْمِنَاتُ الْقَانِتَاتُ
التَّائِبَاتُ الْعَابِدَاتُ ، لَا الْعَاهِرَاتُ الْفَاسِقَاتُ الْفَاسِدَاتُ
.
وَلَوْ
كُنَّ النِّسَــــــــــــــــاءُ كَـــــــمَنْ عَــــــــــــــــــرَفْنَا
لَفُضِّلَتِ
النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ
فَمَا
التَّأْنِيثُ لِاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ
وَلَا
الـــــــتَّذْكِيرُ فَــــــــخْرٌ لِلْهِــــــــلَالِ
أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ
وَجَلَّ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا جَمِيعًا الْفِقْهَ
فِي الدِّينِ ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا جَمِيعًا هُدَاةً مُهْتَدِينَ لَا ضَالِّينَ وَلَا
مُضِلِّينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَنَا وَنِسَاءَنَا
، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَهُمْ بِسُوءٍ ، فَاللَّهُمَّ اشْغَلْهُ
بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ
يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا
أَمْنَنَا وَوُلَاةَ أَمْرِنَا وَعُلَمَاءَنَا وَدُعَاتَنَا ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا
الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
( رَبَّنَا آتِنَا
فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ).
عِبَادَ اللهِ :
(إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) . فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ
عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ
مَا تَصْنَعُونَ .
وللمزيد من الخطب السابقة للشيخ عبيد الطوياوي تجدها هنا: http://islamekk.net/catplay.php?catsmktba=120
|